صلاح إدريس.. رئيس جمهورية !!!!
;;;;;;;;;;;;
- تم نشرها بجريدة الاتجاه المعاكس
بعمودى ( صريح العبارة )
عدد الخميس 21/4/2011
كانت جدّتي يرحمها الله.. عندما ترضى عني وأنا طفل صغير تدعيلي وتقول بلهجتها النوبية الأصيلة :
"روح يا بني ربنا يعلّي مراتبك وتطلع ظابط .. ولا دكتور .
ولأني طفل صغير، قعدت سنين طويلة ويمكن لغاية دلوقت
مش فاهم إيه العلاقة بين ( المرتبة ) و ( الوظيفة ) !!
وكنت فاهم أن الدعوة معناها أننا نحط شوية مراتب سرير فوق بعض علشان الواحد يعلى .. ويعلى !! .. وأن اللى يجمع مراتب فوق بعض أكتر من التانى يبقى هو اللى حايفوز بالوظيفة الأحسن .
وبعد أحداث 18 و 19 يناير 1977 .. اتغيرت الوظيفة فى دعاء جدتى وبقت تقول نفسى أشوفك رئيس جمهورية ..
فأقول لها رئيس جمهورية مرة واحدة ياجدتى ..
فتقول بمنطقها الفطــــرى ( الصعايدة مسكوا البلد مرة .. ــ وتقصد عبد الناصر ــ والبحراوية مسكوها مرة ــ وتقصد السادات ــ ويبقى الدور علينا أحنا النوبيين المرة دى .. وهو ده العدل ) .
صحيح، أن جدّتي ـ رحمها الله ـ ماتتْ، وكان أقصى أحلامها بعد حرب أكتوبر 1973، أن يعود سعر كيس الشاي إلى 10 مليم كما كان قبل الحرب، بعدما زاد إلى 15 مليم، وهي اللي صدّقت تصريحات العسل واللبن، اللى نشرها الرئيس أنور السادات، من عودة الرخاء بعد السلام مع إسرائيل، ولكنها للأسف، ماتت قبل تحقيق أحلامها ، ولكنها لم تيأس.. وفضلت متفائلة بأن شيئاً ممكن يحصل .. حتى لو حلف وزير اقتصاد سابق "بالطلاق" في مجلس الشعب، إن الميزانية فيها فائض، بعد أن أضاف "بسلامته" الديون على أنها دخل قومي!!!
و ماتت جدتي من كثرة التفاؤل! .
والدي ـ رحمه الله أيضا ـ ماكانش فاكر إن فيه ثورة تانية ممكن تحصل في مصر بعد ثورة 1952، وكان متأكد أن مافيش عبد الناصر جديد حاييجى !! .. بعد ما شاف فى حكم مبارك ، مؤشراً على أن البلد كلها عليها أن تنام "نومة العازب" كما كان يقول لي وهي يضحك بسخرية .. وحتى عندما ضبطني متلبساً بشنطة منشورات ضد السادات وأنا متزوج وزى الشحط ، صرخ في وجهي وأمرنى بحرقها فورا مكرّراً مقولة الزعيم المصري الراحل سعد زغلول "مافيش فايدة.. يا صفيّة غطيني وصوّتي".
مات والدي، يائساً، أما صفيّة.. فقد رأت أن البلد كلها تغطت 30 سنة ، ونامت وشخّرت ، لغاية ما بقى شخيرها إدانة لكل أنواع الفساد اللى أنتشر فى البلد كلها ، وكمان صوتها ماوصلش أبداً لأن مَنْ في "آذانهم وَقْــرٌّ" ماكانوش على استعداد علشان يسمعوا أى حد ً أو أى حاجة .
ولأن عالمنا العربي سيرك كبير، فإن الليلة الكبيرة جاءت متأخرة جداً..
الحواةُ وبتوع الثلاث ورقات اللى كنا بنشوفهم في الموالد، لسه فى الصورة ..
أما "القرداتية" اللى كانت كل مهمّتهم، بيع الضحك، فإنهم شاركوا القرود نومتها الأخيرة، مستنيين حبة الفول السوداني أو صباع موز يمكن يقدر يحل شفرة العلاقة الحميمة بين أي حاكم عربي، وبين كرسي الحكم، الإثنين دول ماينفصلوش أبداً.. زمان كان بالانقلاب أو الموت، أما دلوقت فقد أصبح آخر العلاج.. "الخلع".. والضرب بالجزم زى ماحصل في ثلاثة عواصم عربية، علشان تبقى نهاية منطقية لمن لا يسمع، ولا يرى، ولا يتكلم.. كما تقول حكمة القرود الثلاثة!
"القرداتية" العرب ظهروا في نفس الصورة المعروفة ، اللي كانوا بيلفوا ويدوروا بها القرى والمدن زمان ،
وكأنهم مايقدروش يسيطروا على الحكم .. إلا إذا مسكوا السلسلة جامد ،علشان يسلسلوا الشعوب .. ويهوّشوا بالعصاية علشان الشعوب تخاف وتسمع الكلام غصب عنها !!
"قرداتي" من عيّنة زين العابدين بن علي، قبل ما يهرب بساعات قال أنه فهم مطالب شعبه، وعلشان فهم متأخر فقد خلع بدرى وساب البلد.. وصاحبه وشبيهه في مصر، ماصدقش اللى بيحصل في الميادين والشوارع ، حسني مبارك.. اكتفى بـ "نوم العازب" في شرم الشيخ، وساب "سحرة" الحزب الوطني الكبار، يمثلون دور "الشقلباظ" على كل شيء، في القاهرة، والإسكندرية، وكل مدن وقرى مصر.
شلة "الهتّيفة" وأنا أعرف واحداً منهم شخصياً، قدر يتسلل ويزحف لغاية مابقى وكيل وزارة، وترشح لانتخابات مجلس الشعب، و كل مؤهلاته أنه "حنجوري" فقط يعنى بالبــــــــــلدى ( بقّ )على رأي عمنا الراحل محمود السعدني.
الحنجورية دول جاهزين دايما لأداء كل الأدوار، والسير في كل مظاهرات التأييد، وكتم أي صوت يختلف مع أسيادهم، ومعهم بالطبع، وزراء، ورجال أعمال، وكتبة وإعلاميون، ومتسولون، وبلطجية، وعناصر شرطة، ورجال أمن، كما ستكشف عنهم وثائق أمن الدولة التي حاول ثلاثي شرم الشيخ إخفاءها بالفرم أو الحرق، باختصار.. كتيبة لصوص متكاملة، توزع أدوارها حسب "اللهف" و"الشفط" و"النصب".
المقارنة بيْن بن علي ومبارك، تشترك في المثل القديم :"فتش عن المرأة" الاثنان كانا في الواجهة.. لكن كانت امرأة كل منهما تمسك أحياناً بسلسلة، أو بعصا.. قرداتية من نوع أنثوي جداً..
سيدة القصر في قرطاج، مااختلفتش كثير عن سيدة القصر الجمهوري في القاهرة.. الأولى سابت مهنة الكوافيرة، من غير ماتنسى تعلّق الرئيس في جلسة "مانيكير"، فتسيطر بعد ذلك بشبكة أقاربها على تونس كلها .. بينما الثانية، تعلمت الحلاقة في رؤوس كل الشعب المصري، لتكون النتيجة، هذا الخروج المهين من السلطة... نجل بن علي القاصر، مش حايقدر يكون الوريث الوحيد، مش علشان أنه مازال طفلاً فقط، لكن لأن أمّه استولت بالنيابة عنه على كل شيء، بينما الوريث بتاعنا جيمى حاول الانتحار من كام يوم بعدما شعر أن كل أحلام الوراثة قد انتهت في ميدان التحرير، بعد أن كان خلاص ، كلها كام شهر ، ويتم الانقلاب على الرئيس الأب، بتحالف مع وزير داخليةٍ عرف أزاى يبيع "العتبة" و " التروماى " لكل أركان النظام.
"قرداتي" آخر في اليمن.. خرج من كام يوم وفي لقاء جماهيري حاشد، يتهم أمريكا وإسرائيل بتدبير كل التظاهرات اللي جرت وتجري في العالم العربي، وقال بالفم المليان ، إن مركز إدارة هذه المظاهرات في تل أبيب، ومابصش حواليه ثانية واحدة ، لأنه على بُعد خطواتٍ فقط من جماهيره الملاكى !! يوجد الآلاف من الغاضبين المطالبين بإقالته، لكن نظره ماجابش غير اللى في
تل أبيب وواشنطن فقط... وكان عامل نفسه زرقاءُ اليمامة لما شافت جيوش الأعداء بنظرها القوى ذات يوم قبل 14 قرناً، ولما ماحدش صدقها ، فقد انكسروا، وانهزموا، وعاقبها الأعداء المنتصرون بفقء عينيها، لكن صالح بفخامته.. تسلل سراً وليلاً من جنب مراته ورفع سمّاعة التليفون ليتصل بالبيت الأبيض معتذراً في اليوم التالي :"لقد أسأتم فهم تصريحاتي".. بينما كلامه وصراخه قبلها بــ 24 ساعة فقط .. وكسب تصفيق المشاهدين المغلوبين على أمرهم، والذين صدقوا رؤى زعيمهم في جلسة تخزين "قات" يومية.
جلسات القات المخدّرة إياها، دفعت "قرداتي" من فصيلة "الكتاب الأخضر" في ليبيا، لأن يأخذ نفساً عميقاً، ويظهر كأنه شيخ طريقة في حلقة زار.. وما بين الزحف "دار دار.. زنقة زنقة" وحتى توزيع حبوب هلوسة، بدأ العقيد يعيد للأذهان تلك الصورة المأساوية عن دراكولا، وينفي عن نفسه كل "المراتب" التي طالما تمنتها جدّتي قديماً، ورسمت في الذاكرة تلك الشخبطة الرئاسية عن بعض حكامنا العرب..
ولسه فيه قرداتية جداد حاينضموا للسيرك العرى الكبير زى أسد سوريا .. وعبدالله الأردن .. وحمد البحرين .. وبوتفليقة الجزائر .. وحسن المغرب .. و حمد قطر .. ومش فاضل غير أننا نستنى صلاح الدين الأيوبى جديد .. وتتوحد كل الشعوب العربية تحت علم واحد .. ووقتها حاترجع أورشليم ، والجولان حتى بدون حرب .. وحتى لو جرجرونا لحرب ، وقتها حانكون جاهزين .. وأوعو تفتكروا ده حلم .. أبدا والله .. بصوا حواليكم وأنتم تتأكدوا أن كل الأحلام ممكنة .
*****************
رحمك الله يا جدّتي..لو فضلتى حيّة حتى الآن، لرجعتى فى كلامك وماكنتيش دعيتِى الله أبداً أن "يعلي مراتبي" ...النتيجة آهيه .. فضيحة بجلاجل .. واللى مايشترى يتفرج .. وكل السلطة والمال والنفوذ اتجمعوا فى زنازين 3م 3 X م فى ( منتجع طرة السياحى ) ... الشّر بره وبعييييييييييد ..
وعن نفسي، وبعد ما شفت هذه العيّنة من الرؤساء العرب الحاليين واللى نابهم ، مش عايز أكون حتى رئيس "مراجيح في مولد النبي" .
صـــلاح إدريــــــس
Salahedris@gmail.com

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق