(( تم نشر المقال بصفحتى الشهرية
" بالبلدى الفصيح "
بمجلة عين الحقيقة عدد يناير 2012))
إن كِبْر ابْنَك خَاويه
*****
أنتم عارفين إيه هىَ مشكلتنا بإختصار شديد ، وفى كلمتين :ـ
(( فرق سرعات )) ..
أيوه فرق سرعات ، فمجلسنا العسكرى بحكم تكوينه ، ودراساته ..حياته كلها إنضباط ، وطاعة ، وإلتزام .. والأهم تأنى فى إتخاذ القرار .. ولو أضفنا عامل السن ، وزيادة الحرص ، والتفكير العميق ، يبقى أحنا هنا فى حالة بطء ، وزحف سلحفاوى !! ..
وعلى الجانب الآخر نجد الثوار .. شباب صغير ، مليان ثورية ، ورجولة ، إنفجر نتيجة للغليان الذى تراكم منذ ولادتهم .. ووصل لذروته بالثورة ..
ولأنها ثورة .. وهٌم شباب وثوار ، وطبيعة الثورات هىَ السرعة فى إتخاذ القرار، وتنفيذه فوْراً ، وجايز يكون القرار غلط !!.. لكن دى ثورة ،والغلط فيها وارد ومقبول طالما القصد ثورى شفاف .
إذاً الإختلاف من البداية واضح ، وظاهر ... وكان من المتوقع أن المجلس العسكرى يشد حيله شوية ويحاول يقرب من الشباب .. ماحصلش ... طيب الشباب يحاولوا يهدّوا اللعب شوية ، وينتظروا ليَرَوْا نتائج ماقاموا به.. ولكن لأنهم شباب وثوار .. برضه ماحَصَلش .
ولأن مبارك وعصابته كان سَمَعِهم تقيل ، فَصَوْت الشباب لم يصلهم - كما يجب -عندما صرخوا الصرخة الأولى .وقابلوهم برد فعل بطئ أدَى بهم إلى ما هم عليه الآن ..
ورأى الشباب أن الصوت محتاج يعْلىَ أكثر ، فمن الجايز إن حكام ما بعد الثورة يكونوا برضه سمعهم تقيل زى اللي سبقوهم .. وقرروا إنهم يصرخوا بكل اللى سبق وطالبوا به بهدوء وصوت هادى وواطى ..
طالبوا به منذ شهور عبر القنوات الشرعية الرسمية ، وعبر كل وسائل الإعلام ، لكن لاحس ، ولا خبر ...
وكان النداء بتجمع الشباب وتوَالت صرخاتهم التي بدأت بحكومة شفيق .. واستجاب الحُكام ورحلت حكومة شفيق !! .. ثم حكومة عصام شرف الأولى .. فرحَلت الحكومة !! .. ولعودة مبارك من شرم والإسراع بمحاكمته .. وعادَ مبارك من شرم ، وبدأت محاكمته ...و ضد حكومة شرف التانية .. ورحلت الحكومة .. ثم صَرْختهُم لتحديد مَوعِد للإنتخابات ، وتسليم السلطة .. وهوَ دَه اللى حَصَل ..
دلوقت الكلام ، والهمس ، والتوجيه ، والإرشاد ، داير حول إعتذار رسمى للمجلس العسكرى ، عن أحداث محمد محمود ، ومجلس الوزراء ، وسَحْل بنات مصر .. وأن يُقدِم المَسْئُولِين عن ذلك للمحاكمات العسكرية ، مع ضرورة الإعلان عن تلك المُحَاكمَات ( ولو بشكل إستثنائى ) .. لأن هذا هو الشىء الوحيد الذى سَيُعَالِج وَجْه الجيش المِصرى مما أصَابه من خدوش وحروق وسَحَجَات .
الصدق والشفافية أَيُها السادة هُما الطَوق الوحيد للنجاة .. لازم تُسْرِعُوا شِويَة وتَلْحِقُوا الشباب ، ولو رَاجَعْتُم أدَوَاتِهم سَتَجِدُوها غِيرَة على البلد ، ودَم حَامى ، ووطنية وإنتماء كلنا كنا محتاجينهم .
وكثير من الإئتلافات ، والتجمعات الشبابية ، وأوساط المثقفين ، يدعون ، ويجهزون ، ويخططون لإحتفالات السنة الأولى للثورة فى 25 يناير القادم .. والأغلببية من هؤلاء يدعونها ثورة يناير الثانية .. وكل الدلائل بتقول أنه سيكون يوم فاصل .. ولازم المجلس العسكرى يلحق نفسه ويحسّن صورته فى الأيام القليلة القادمة بقرارات حقيقية تؤكد بوضوح الإنحياز الكامل للثورة والثوار .
مع الأخذ فى الإعتبار التكنولوجيا الحديثة التي جَعَلت هؤلاء الشباب على إتِصَال دائم ومُباشر ــ يعنى على صفارة .. أو رنة ــ وكمان المعلومة بقت متوفرة صوت وصورة ..يعني مافيش حاجة بِتسْتَخَبَى لأكثر من يوم !! .. يبقى نِصَحْصَح كِدَه ونشُوف الشباب دُول عايزين إيه بالضبط ؟! وما أعتقدش إنهم عايزين أى حاجة غير مطلب الشعب كله .. ( عيش .. حرية .. عدالة أجتماعية ) .
فإذا كانت هذه المطالب فى صالح البلد فعلا يبقى ليه مانسمَعهُمش ؟
لازم نسْمَعْهُم ونصَدَقهُم كَمَان !! لأن ده مُسْتقبلَهُم ومُسْتقبَل أولادهم .. وياأيها الجِنِرَالات العِظام ( لَوْ كَبْر ابْنك خَاوِيه )... لأنك لو مش حاتخاويه وتسمعه .. مش بعيد تلاقيه بيحجر عليك !!
صــلاح إدريــس
salahedris@gmail.com
مدون بالبلدى الفصيح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق