الكبير .. كبير !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصر هذه الأيام تشبه أرملة بعدد كبير من الأولاد وكلهم صغار ॥ فأضطرت الأم للزواج لتربيتهم وتعليمهم وإدارة الأموال التى ورثوها ॥ فكان زوج الأم نصابا ، جبارا ، ظالما !! أستولى على أموال اليتامى .. وحكم البيت بالحديد ، والنار ، والكبت ، والتنكيل بمن يعترضه .. فتربى الأولاد على الخوف والجبن .. ولكنهم أتحدوا كلهم فى كراهيته والدعاء بموته أو رحيله !! .. ومات زوج الأم .. وتكسر حاجز الخوف .. الأولاد خلاص .. لم يعد هناك مايخيفهم أو يوقفهم أو يردعهم .. ووجدوا نفسهم أمام خيارات جديدة لأول مرة .. وعليهم أن بقرروا بأنفسهم مصيرهم و حياتهم المقبلة فى بيت العيلة .... وبدلا من أتحادهم ، وتجمعهم حول أمهم ، وأحتضانهم لبعضهم البعض .. و أن ينعموا وأمهم فى خير ونعيم ..
لكن ـ للأسف ـ أبتدأ كل منهم يعمل هو الكبير ॥ وهو المسئول ، وأختلفوا على عباية زوج الأم !! ॥ الكل يحلم بأرتداؤها .. كل من الأولاد كان معتقدا أن هذه العباءة ستعطيه الحق فى أن يشخط ، وينطر ، ويأمر فيطاع !! .. ولأن كل الأولاد فكروا نفس التفكير فكان لابد من التصادم ، والخلاف ، والتناحر بينهم .. وبدلا من تحول البيت إلى جنة ونعيم ، بعد زوال حاجز الخوف .. لأ .. تحول إلى جحيم والخوف زاد وكبر .. وبعد ماكانوا بيخافوا من شخص واحد هو زوج الأم .. الآن بيخافوا من بعض وبيخّونوا بعض !!
وبنظرة سرعة على مصر ، بيتنا الكبير ستجد نفس الحالة بحذافيرها .. أختلاف الأسلاميين والقوى الشعبية الأخرى .. وأختلاف كل هؤلاء مع المجلس العسكرى ( الأختلاف بالتناوب ) ..وأختلاف الأسلاميين أنفسهم مع بعضهم البعض .. وأختلاف القوى الشعبية أيضا مع بعضها البعض .. والقضاة والمحامين ، والصحفيين ، وعمال الشركات ، ومؤسسات الدولة ، وأمناء الشرطة والسائقين .. وغيرهم .. وغيرهم .. وأغلبية فصائل وأطياف المصريين فى تصادم وخلافات على كل شىء !! كل واحد يريد إثبات أنه الكبير .. وأنه الأحق بالقيادة وتسيير الأمور ..
والكل بلا خبرة سياسية حقيقية .. ولا يعرف طعم الحرية السياسية وتذوقها ويستمتع بها !! .. الكل نزل إلى المكلمخانة المصرية وهو ينوى أن يتحدث فقط !! ولا يستمع لأحد !! الكل يعتقد أن آراؤه وأفكاره ومعتقداته هى الأفضل وهى الأنسب للعائلة المصرية .. وماعداها جنون وخروج عن روح الأسرة وتحطيما لمستقبلها ..
الكل بيختبر كل جديد عليه فى عالم الحرية ، وبدأ الكل بالفعل بالأستمتاع بحريته كاملا ..دون مراعاة لحرية بقية العائلة !! .. الكل لديه رغبة عارمة لأن يكون الكبير !!كبير فى مجلس الشعب ، أو الشورى ، أو الرئاسة ، أو الأئتلافات ، أو النقابات أوالجامعات ، أوحتى النوادى ومراكز الشباب ..والقرى والشركات والأحياء والحوارى!! .. الكل يرغب وبشده أن يكون الكبير فى مجتمعه ومحيطه أيا كان وأينما كان !
وطبعها كلهم عندهم حق !! علشان مافيش كبير .. وقد حان الوقت أن أهل البيت يختاروا الكبير بأنفسهم .. وأكيد حايحسنوا الأختيار.. لا سيما بعدما شاهدوا بأم أعينهم مدى الفوضى ، والغوغائية ، والظلم الذى حدث فى عدم وجود كبير ..وظهر الجميع على حقيقته ( أو بعضها ) .. وأصبح بمقدورنا الآن أن نحسن أختيار الكبير .. فنحن نختاره ونحن نضع أمام أعيننا كل مانحلم به لأسرنا ومصرنا ..وهام جدا جدا ونحن نختار الكبير .. أن نكون على ثقة تامة وأكيدة أن من سيقع عليه أختيارنا ، هو من يستطيع تحقيق أحلامنا .
وأهلنا قالوا (( اللى مالوش كبير .. يشتريله كبير )) !!!
صــلاح إدريـــس
مدون بالبلـدى الفصيــح
*************************************
تم نشر المقال بجريدة التحرير .. عدد السبت 19 نوفمبر 2011
رابط مقالة ( الكبير .. كبير ) قى جريدة التحرير .
option=com_content&view=article&id=3061:2011-11-19-06-16-44&catid=80:2011-07-17-16-02-34&Itemid=469
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق