حقوق الوطن .. وحقوق الأنسان .

حقوق الوطن .. وحقوق الأنسان .

الأربعاء، 26 يناير 2011

هل أنت ثقيل الظل ..!




هل أنت ثقيل الظل .. أم خفيف الظل ؟؟
.........


للثقلاء في التاريخ أقاويل .. وفي الجغرافيا مكان مناسب .. وفي اللغة ما تعجز اللغة عن استبيانه أو التعبير عنه .. وللثقيل في اللهجات الدارجة أسماء حزينه .. فالمصريون يسمونه الأبيح أو الأليط .. وفي الفلسطينية الزنخ .. أما في السورية فانه السئيل أو الغليظ .. وفي المغربية ( البرقاق ) في تونس يسميه الناس البليد .. وفي اللغة العربية الفصحى يصفه الأصفهاني ( ب الثؤلول) وهو التقرح في اليد أو الوجه وتقتضي إزالته أن تكويه بالنار كي يزول .. أما ما درج عنه في الأدب فانه ٍ(الطفيلي) وأشهر الطفيليين أشعب .. ولا أدري إن كان في اللهجات العربية الأخرى ما يعبر عنه
.. وللثقيل في الأدب العربي القديم نصيب من الوصف والفكاهة .. فهو الذي يزورك وقت القيلولة مثلا لكي يتحفك بحكاياته التي تقتلك ومع كل ذلك فأنت مجبور على أن تستمع إليه في وقت تتمنى فيه أن يزول من الوجود كي تواصل نومك .. وهو الذي يأتيك للزيارة في وقت ومكان غير مناسبين ... ومع ذلك أنت مضطر لمجاملته والترحيب به إما لكبر سنه أو لخيفتك من جرح شعوره او لحسن عشرتك وطيب خلقك وجمال طباعك .. وهو الذي يأخذ الجلسة كلها متحدثا عن نفسه وعن (بطولاته) وكرمه وأريحيته وحسن عشرته في وقت يعلم فيه المتلقي أنه غير ذلك .. وهذا النوع من الثقلاء يطلق عليه الكذاب عوضا عن ثقله .. وهو الذي يدخل نفسه (بين البصلة وقشرتها ) في كل وقت .. فان رأى اثنان يتحادثان تدخل فيما بينهما ليعطي رأيه .. وقد يدين أحدهما في المشاجرات سواء كلامية أو فعلية دون دليل واضح سوى الهوى .. ولقد حدثني أبى مرة أن أحد الثقلاء في القرية أن رأى رجلين يتقاتلان أشار إلى أحدهما وقال له ( الحق عليك ) فيتصالح المتقاتلان فورا ويبدآن بضرب الثقيل حتى يبين له بعض الأقارب ..
والثقيل عادة لا يدري انه ثقيل .. بل يعتبر نفسه أخف من نسمة الهواء .. وعلاماته انه يداهمك في مكان عملك أو في بيتك مثلا دون الاتصال بك مسبقا .. أو يستوقفك في طريق عام وأنت مهرولا لتقضي بعض حاجاتك فيصر على أن يحدثك قصة لا تنتهي .. فان أظهرت تأففك قال لك بقيت دقيقة واحدة فقط .. وقد تمتد الدقيقة إلى ساعة أو اكثر .. ثم من بعد ذلك يشيع انك متكبر ولا تتحدث مع الناس بلباقة .. أو يحدثك في الهاتف عن مشكلة بينه وبين صاحبه تستمر دهرا فتضطر لإلغاء كل مكالماتك والاستماع إليه كرها أو طوعا دون أن تقفل الخط في وجهه .. وهو الذي يريد أن تستمع إليه قسرا في وقت لا ترغب فيه الاستماع إليه ..
وقد يتجه بعض الثقلاء إلى أساليب قد يمجها الذوق السليم ,. كأن يكون قريبا من منزلك أو مكتبك أو مكان عملك ثم يعرج عليك في كل يوم لأنه مزنوق يريد إفراغ مثانته أو يعطيك شيئا من رائحته ( الذكية ) لكي يدخل الحمام .. ثم ينسى من بعد ذلك أن يطش الماء على ما خلفه ليترك شاهدا على زيارته .. أو يأتي إليك في رمضان مثلا وقد تقطعت به السبل لكي يدخن سيجارة في مكتبك أو مكان عملك لأنه مفطر لا يستطيع الصيام ولا يرضى بان يجاهر في إفطاره بحجة انه مدخن مدمن .. وقد ينسى أو يتناسى أثناء زيارته علبة سجائره لكي يعود ثانية بحجة أخذها فيدخن مرة أخري .. وفي عصر الفضائيات يزور مكتبك لكي يستمع إلى الأخبار خاصة في وقت العمل .. أو يسألك مثلا ( ما هي آخر الأخبار .. هل من جديد ) وكأنك أو كأنه لا تعيشان سويا في عالم كله مرئيات ومسموعات فلا يأخذ الأخبار إلا من مصدرها الذي هو أنت ..
ولقد سألت مرة احدى زوجات احد الثقلاء عن تصرفه في المنزل فقالت : انه وباء .. وكانت هذه الكلمة تكفي لأن أدعو لها بالرحمة وهي ما تزال على ذمته . وأخرى قالت انه مرض وبائي يصيب اطفاله عندما يكبرون .. الثالثة قالت : أعوذ بالله .. فلنتحدث في موضوع آخر غير ما يوصف به زوجي .
خيط رفيع يربط ما بين الثقيل والبخيل .. فالبخيل ثقيل أصلا وهو يجمع ما بين الاثنتين .. والثقيل ليس بالضرورة أن يكون بخيلا .. ولكنه في طريقه لان يكتسب البخل .
.. خلف لنا التاريخ أسماء شهيرة كانت ثقيلة .. فنابليون كان يهوى التلصص من ثقب المفتاح على زوجات قادته .. والملك فاروق كانت هوايته سرقة أدوات الموائد الفضية أو النحاسية في أوقات دعوته مع المجاهرة بتلك السرقة ثقلا وألاطة واباحة .. أما تشر شل فكان يهوى تدخين السيجار في غرفة زوجته المصابة بالسرطان .. ولقد حدثنا التاريخ عن ان الخليفة المستعصم بالله كان ثقيلا إضافة إلى بخله .. فقد كان عطاؤه للشعراء كلاما من نفس بضاعتهم. ويرفض منحهم مكافآت عن أشعارهم التي يمدحونه بها . أما ثقله فقد دلل عليه التدخل في ماكياج وصيفات زوجته إن كان مناسبا أو غير ذلك .
إن كنت ثقيلا سيدي القارئ فاهرع إلى اقرب ميزان حساس لقياس مدى ثقلك ॥ وعود نفسك أن تكون خفيف الظل فذلك مدعاة لكي تصبح مقبولا بين الأصدقاء .. ولطيف المعشر في بيتك .. وابتعد عن شئون الناس كي لا تكون طفيليا .. فلكل فوله كيال .. ولكل ضرس من أسنانك وظيفة لمضغ الأشياء حسب قسوتها أو لينها .. وإلا .. لن تنفعك كل موازين الدنيا لكي تصبح خفيفا।


************





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق