حقوق الوطن .. وحقوق الأنسان .

حقوق الوطن .. وحقوق الأنسان .

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2018


­­المحروسة .. وبـــرام التورلــى  !!
          عارفين برام التورلى  ؟  التورلى دى طبخة حلوة  ورخيصة  ، ودايما ست البيت تعملها فى آخر الشهر  ، وتجمع فيها زبالة التلاجة ، اللى بقالها شهر من بقايا الطعام  ، من بطاطس وكوسة  وفاصوليا وبسلة .. وأى خضار متبقى  حتى لو جزرة مكرمشة ومرمية فى درج التلاجة .. ويتجمع ده كله فى برام  مع شوية بهارات  ويتحط فى الفرن .. ولما يستوى  وتدوقه ماتبقاش عارف طعم الجزر من البطاطس من الكوسة ، لكن فى الآخر الطعم مقبول  وآهى أكلة وخلاص  ، خصوصا أننا آخر الشهر !!
            آهو العالم العربى النهاردة عامل زى برام التورلى ده !! مافيش حاجة لها طعم مميز ، وأتلخبطت الكوسة على الجزر على الطماطم ، ومابقيناش عارفين بناكل أيه ؟ ولا فيه أيه ؟
                  وأنا أتابع الوضع الحالى لمصر ، والنيران اللى موهوجة حواليها  ـــ من كل ناحية ـــ بهدوء وروية  ،  وبالراااااحة خااااالص  .. لقيت نفسى يأفتكر عراق صدام .. وليبيا القذافى .. ويمن عبدالله صالح .. وسوريا الأسد الأب والأبن  .. وغصب عنى  عملت مقارنة بزمان الحكام دى .. والزمن المهبب المنيل  اللى أحنا فيه !! أو  الأصح  اللى همه فيه !!  لقيت أن شعوب الدول الشقيقة دى ماشافوش يوم عِدل  من ساعة ماقامت مايسمى بثورات الربيع العربى فى البلاد دى .. وعارفك حاتقوللى ربيع مين ياعم دى عواصف وزعابيب وسيول !! يمكن يكون عندك حق  ، لأننا برغم موجة الحر الشديدة دى ، لكننا بنترعش من البرد نتيجة للعواصف اللى جايالنا من كل حتة .. لكن مانفدرش ولايمكن ننكر أن ثورة يناير  كانت مليانة بالأمال والنوايا الحلوة ..وزرعت الوطنية الحقيقية فى قلوب كتير من المصريين .. بعد ماأفتكرناها أنقرضت خلاص . !!
       ولقيت نفسى بأسأل نفسى سؤال تانى ( إجبارى ) :ـ  ياترى شعوبنا العربية ماينفعش معاها غير الحكم الديكتاتورى الباطش ؟  وهل الحرية والديمقراطية ضارة بصحة الشعوب العربية زى ماشفنا فى السنوات الأخيرة ؟
       ناس كتير قوى  حاتقولك : أيوة أحنا ناس ماينفعش معاها غير الكرباج !! وقلة الآدب !! والقمع ، والقهر ، والعين الحمرا !! ودليلهم واضح للكل ومش محتاج توضيح أكتر من كده  .
         فى الحقيقة  حكاية أنى قاعد فاضى وبأتأمل دى ( وبتأمل دى مالهاش دعوة بالقمل ، علشان ماحدش يفهمنا غلط !!  ) .. أكتشفت وأنا بأتأمل أن الحكاية ببساطة  هى فى كلمة واحدة بس  ( الأنتماء ) .. فالدول اللى أتكلمنا عنها  زى العراق وليبيا وسوريا واليمن ولبنان ، بيربطها كلها رابط واحد مشترك بينهم وهو عدم الأنتماء للوطن الأم ، والأنتماء الأول  والأهم فى الدول دى إما للقبيلة , أو الطائفة يعنى التعصب والعصبية  ، والتعصب تطرف ، .. فالعراق وسوريا ولبنان مثلا   عندهم سُنة وشيعة ودروز ومسيحيين وأكراد وعلويين وبعثيين وغيرهم .. واليمن وليبيا عندهم الحوثيين والحُمر والقذاذفة والمصراتية وغيرهم  !! والسبب الآول والأخير للمشاكل والنيران اللى والعة  ، والآلاف اللى بيتقتلوا كل يوم فى البلاد دى  ، سببه أن أنتماؤهم الأول ، أو تعصبهم وتطرفهم  هو الأنتماء الفرعى  !! أى للقبيلة أو الطائفة ، وليس الأنتماء الأكبروالأشمل والأهم للبلد  أو الوطن .. وأصبح كل فريق يريد أن يُغلب مصلحة قبيلته  ،أو طائفته على مصلحة وطنه  .. فتصادمت المصالح وحدث ماحدث ..ولسه بيحدث  .. وأمامنا وقت طويل لغاية ماينتهى .. وطبعا مانقدرش ننسى ولا نغفل الدور الرئيسى للغرب وفلوسه اللى بيزغلل بيها كل هؤلاء المتطرفين ..وبيلعب على مشاعرهم ..وأنتماءاتهم القوية لقبائلهم  ، ومعتقداتهم الضيقة .. وضاربين أنتمائهم للوطن والأرض بالجزمة القديمة !!
      هى دى نفس مشكلة الأخوان .. فأنتمائهم الأول للأخوان وبعدها أى حاجة تانية .. علشان كده خسروا كل معاركهم تقريبا  ، ولايمكن حايكسبوا أى معركة إلا إذا غلّبوا مصلحة الوطن على مصالحهم  ، وأشك أن ده حايحصل .. لأنهم خلاص راضعين الأخونة !! وجارية فى دمهم ،   وللأسف أتزفر واتعكر وخلاص !! وماينفعش فيه أى ترويق أوعلاج .
     عارفين عرايس المارونيت  بتاعة مسرح العرايس  .. فيه لاعب محترف وشاطر  قاعد فوق المسرح ، وماسك كل خيوط العرايس فى إيده  ، وهو اللى بيلّعبها ويحرّكها زى ماهو عايز  بالضبط !! آهو المتطرفين  أو الأرهابيين فى دولنا العربية  هى عرايس المارونيت ، واللاعب المحترف اللى بيلعّبها  ويحركها كلنا عارفينه !!.. واللعبة بتاعته ، والخيوط كلها فى أيده ، وهو بس اللى يقدر يحط النهاية اللى عايزها لمسرحيته اللى كلنا قاعدين نتفرج عليها ، وأحنا فاتحين بُقنا زى الهُبل ! ومش فاهمين أى حاجة ! أو عاملين نفسنا مش فاهمين !!!
         ومع كل ده لازم نحمد ونشكر ربنا  ، لأن  الشعب المصرى فى أغلبه  شعب منتمى  لبلده ، وبيحبها ، وبيعشق كل حبة رمل على أرضها .. وده بيبان قوى  قوى فى الأزمات  وساعة الشِدة ، من ثورة 19 لما الشعب كله فوض سعد زغلول للتحدث بأسمه  ، فى وقت لا كان فيه إنترنت ، ولا تليفون ، ولا راديو ، ولا حتى كهرباء ولا بوتجاز ، لكن الناس قدرت تتواصل  وبسرعة رغم الجهد والمشقة والبهدلة ، وعملوا التفويض لسعد باشا  .. وزى نكسة 67 .. وأنتصار 73 .. و25 يناير  .. و30 يونيه ... وفى الأستفتاءات  ، والحوادث المصيرية  ،  تبص تلاقى المصريين كلهم على قلب راجل واحد .. واللى كانوا مختلفين من ثوانى ، أتفقوا فى ثوانى برضه  !! من غير ترتيب  ، ولا أتفاق ، وتوحدوا بقدرة  قادر .. وأصبحوا راجل واحد ، مايهموش غير مصر المحروسة وسلامتها وأمنها وأمانها ..
      اللهم شكرا وحمدا لك ، فقد  كنت رحيما بمصر دائما ، وحميتها من كل أعدائها ، ومن شرور أنفس أبنائها ، ولاعجب أن من ذكرتها فى كتابك الكريم 5 مرات  فهى آمنة سالمة بدون  شك  بعونك ، ورعايتك ، ورحمتك ، ياأرحم الراحمين .
بقلـــــــــــم
صـــلاح إدريـــــــــس
تم نشر المقال بجريدة ( الوطن ) .. عدد الأحد 28 اكتوبر 2018
http://alwatneg.org/tfr/2822

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق